تململ بالجيش وأزمات سياسية.. هل تنهار إسرائيل من الداخل بسبب

05:42 م
الإثنين 28 أبريل 2025
كتبت- أسماء البتاكوشي:
رغم الدمار الذي ألحقته آلة الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة، يظل القطاع المحاصر والمقاومة الفلسطينية صامدًا في وجه العدوان، لكن في المقابل، فإن إسرائيل تشهد حالة من الانقسام الداخلي غير المسبوق، الذي ظهر جليًا منذ الـ7 من أكتوبر 2023، وزادت حدته بعد مذكرة رئيس جهاز الشاباك رونين بار ضد نتنياهو والتي اتهمه فيها بأنه طلب الولاء له شخصيًا بدلًا من المحكمة العليا حال وقوع أزمة دستورية فضلًا عن طلبه توظيف “الشاباك” لصالح جمع معلومات استخبارية عن المشاركين في احتجاجات ونشاطات ضد الحكومة.
كما تتعالى الأصوات في الداخل الإسرائيلي مطالبة بوقف الحرب في غزة، من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، حتى وصل الأمر إلى احتجاجات من جنود بالجيش، إذ قالت هيئة البث الإسرائيلية إن نحو 1000 جندي احتياط في سلاح الجو نشروا رسالة احتجاج على استمرار القتال بغزة، مؤكدين أن استمرار الحرب لا يحقق أي من أهدافها المعلنة، وهو ما يزيد المؤشرات على أن إسرائيل على مشارف مرحلة جديدة من الاهتزازات تهدد بانقسامها.
انهيار إسرائيل
ويرى الدكتور علي الأعور الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن طوفان الأقصى شكل نقطة تحول كبيرة في معادلة الصراع بين الفلسطيني- الإسرائيلي، إذ قال “بغض النظر عن المآلات السلبية التي أعقبت هذا الحدث، بما في ذلك تدمير غزة، واستشهاد نحو 50 ألف شهيد، فإن 7 أكتوبر خلق معادلة جديدة تتعلق بوجود إسرائيل، وشكل بداية لانهيار المشروع الصهيوني، لكن حتى الآن لم تظهر حتى اللحظة أي مؤشرات أو معطيات على الأرض تؤكد انهيار إسرائيل.
ويقول الأعور خلال حديثه لـ”مصراوي”، إن هناك انقسامًا عميقًا داخل إسرائيل بين اليمين واليسار، وبين الحكومة والمعارضة، وبين المتدينين والعلمانيين، مشيرًا إلى أن هذا الانقسام لم يصل بعد إلى مرحلة الحرب الأهلية، لكن نتنياهو يقف أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول، أن يستجيب لمطالب الشارع الإسرائيلي الذي يطالب بوقف الحرب واستعادة الأسرى لدى حماس، بينما الثاني، فهو الاستمرار بالحرب بناءً على دعوة اليمين المتطرف لاستمرار الحرب واحتلال قطاع غزة بالكامل.
وتابع الأعور أنه إضافة إلى تزايد الضغط على الحكومة من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين التي رغم قوتها لم تؤثر بعد على سياسة نتنياهو ولم تصل لدرجة العصيان المدني أو الإضراب الشامل، فإن هناك تمردًا داخل الجيش، إذ أفاد بأن أكثر من 1500 ضابط من مختلف الأسلحة العسكرية، رفضوا العودة إلى غزة أو المشاركة في العمليات العسكرية، ووقعوا على عرائض تطالب بوقف الحرب، ما يعكس حالة عدم الاستقرار داخل الجيش الإسرائيلي، التي على الرغم من حدتها فإن نتنياهو لا يزال يملك القرار السياسي والأمني في إسرائيل.
وخلال الأسبوع الماضي نفذت المقاومة الفلسطينية عمليات نوعية في بيت حانون، الشجاعية، حي التفاح، رفح، وجباليا، أسفرت عن مقتل عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين، مما يعكس فشل بعض الخطط العسكرية التي كانت تهدف إلى تكثيف العمليات البرية في غزة، فضلًا عن أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار باحتلال قطاع غزة بالكامل، أو توسيع العمليات البرية إلى مناطق أكبر، باستثناء بعض العمليات العسكرية المحدودة في مناطق ضيقة، حسب ما أفاد به علي الأعور الخبير في الشؤون الإسرائيلية.
بداية الانهيار
ومن جانبه يعتقد الدكتور صلاح العواودة الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، أن ما يحدث داخل الكيان الصهيوني يشير إلى مؤشرات سلبية تنذر بخطر وشيك، لكنه حتى الآن تحت السيطرة ومراقب، سواء من قبل المعارضة أو الحكومة الإسرائيلية، وهو حديث الساحة في الداخل، صحيح أن الخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي عميقة وصعبة، لكنها ليست خطيرة.
ويقول العواودة خلال حديثه لـ”مصراوي”، “من الصعب القول أننا أمام بداية انهيار أو أننا في خضم أزمة حقيقية، خاصة في ظل وجود مؤسسات دولة قائمة في إسرائيل، مثل القضاء والجيش، التي لا تتدخل في السياسة، بل تعمل بشكل مستقل ووفقًا للنظام الديمقراطي المعمول به، وبما أن هذه المؤسسات لا تزال تعمل بشكل جيد وتحترم دورها، فإن الحديث عن انهيار إسرائيل أو عن بداية انهيارها يبدو بعيدًا عن الواقع في هذه اللحظة، إلا إذا تم تجاوز هذه المؤسسات الأساسية التي تعتبر الركيزة للحفاظ على استقرار النظام السياسي في إسرائيل.
وبشأن الخلافات مع رئيس جهاز الشاباك، يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي، “نتنياهو كان يسعى لاستخدام بار ضد المعارضة، ما يتناقض مع المبادئ الديمقراطية التي تقوم على فصل السلطات، وعلى صعيد الجيش، يوضح أنه رغم وجود خلافات داخلية مع الحكومة حول بعض القضايا، فإنه في النهاية ينفذ أوامر الحكومة، ولا يمكن لأي جندي أو ضابط في الجيش أن يتمرد بشكل جماعي أو منظم.
ولفت إلى أنه في حالة حدوث تمرد داخل الجيش، فإنه يظل في إطار محدود جدًا ولا يشكل تهديدًا حقيقيًا للدولة ككل، هناك بعض الجنود وضباط الاحتياط الذين قرروا رفض الخدمة في الجيش، لكنه لا يعكس تمردًا جماعيًا، بل هو مجرد تعبير عن الخلاف السياسي الذي لا يهدد الدولة. هؤلاء الجنود وضباط الاحتياط في الغالب لا يزالون ضمن النظام العسكري، ويحاولون الضغط سياسيًا على الحكومة من خلال رفض الخدمة، وهو ما يبقى في إطار القانون ولا يشكل تهديدًا ملموسًا.
“في الوقت الحالي، من غير الممكن اعتبار هذه الخلافات الداخلية مؤشرًا على بداية انهيار إسرائيل طالما أن هناك تهديدًا خارجيًا موجهًا، حسب ما قاله صلاح العواودة، اللي أكد أن إسرائيل تاريخيًا قادرة على الاستمرار حتى في حال حدوث انقسامات داخلية، فإن اليهود في فلسطين ظلوا منقسمين لعدة قرون بعد فترة حكم داود وسليمان، ولم تكن هناك دولة يهودية موحدة إلا لمدة 70 عامًا، بعد ذلك، انقسموا وظلوا في حالة انقسام طويل استمر لأكثر من خمسمائة عام، وحتى في تلك الفترة كانت هناك حكومات يهودية منفصلة في فلسطين.
ويشير صلاح العواودة الباحث في الشأن الإسرائيلي إلى أن التغيير الذي يسعى إليه نتنياهو في شكل الدولة، كما تراه المعارضة، فهو ما قد يؤدي إلى تدخل الجيش في السياسة بشكل مباشر أو استبدال السلطة السياسية بالكامل، ما قد ينجم عنه إلغاء دور البرلمان والقضاء، وهو ما يعني في النهاية تقويض الديمقراطية في إسرائيل، هذا التحول في شكل الدولة قد يقود إلى انهيار الدولة نفسها، وهو ما تحذر منه المعارضة الإسرائيلية.
حرب سياسية
وفيما يخص المفاوضات المحتملة بين إسرائيل وحركة حماس، قال علي الأعور الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن هذه المفاوضات ستصل إلى طاولة الحوار في الدوحة والقاهرة، وسيتم التباحث حول صفقة لتبادل الأسرى، فإن الحرب في غزة أصبحت حربًا سياسية بامتياز، والمعركة تدور حول بقاء نتنياهو السياسي وأيضًا حول مستقبل حركة حماس في المنطقة. مضيفًا أن نتنياهو يسعى لتحقيق مكاسب سياسية من خلال الإصرار على استمرار الحرب، بينما تسعى حماس إلى صفقة تبادل أسرى تشمل جميع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وأكد الأعور أن هذه الحرب ليست حربًا عسكرية فحسب، بل هي حرب سياسية في المقام الأول، فهي بين بقاء نتنياهو في منصبه السياسي وبين وجود حركة حماس، ففي حال لم يتم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، فإن إسرائيل قد تواجه حربًا أهلية في المستقبل القريب، فإن الحرب في غزة لن تنتهي إلا بتوصل الطرفين إلى اتفاق حول صفقة تبادل الأسرى”،