02:41 م
الأربعاء 16 أبريل 2025
وكالات
في خطوة تبدو وكأنها رسالة تحذير قوية لإيران عما يمكن أن يحدث لبرنامجها النووي في حال فشل المفاوضات، قامت الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة بنشر قاذفات “بي-2” قرب إيران، وهي الطائرات الوحيدة القادرة على إطلاق أقوى القنابل الخارقة للتحصينات.
لكن وبرغم من ذلك، قال خبراء عسكريين ونوويين، إنه حتى مع وجود هذه القوة النارية الهائلة، فإن العمل العسكري الأمريكي الإسرائيلي لن يؤدي على الأرجح إلا إلى “تعطيل مؤقت” لبرنامج يخشى الغرب أن يكون هدفه الأساسي “إنتاج قنابل نووية” في يوم من الأيام، الأمر الذي تنفيه طهران باستمرار، وفق ما نقلته وكالة “رويترز.
وذكر الخبراء، أن الأسوأ من ذلك، هو أن الهجوم قد يدفع إيران إلى طرد المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة، وتغيير برنامجها المدفون جزئيًا تحت الأرض إلى العمل السري ليكون مدفونًا بالكامل، والسباق نحو أن تصبح دولة مسلحة نوويًا، الأمر الذي من شأنه التسريع من النتيجة التي يخشاها الغرب.
إعادة زمن الاختراق
وقال جاستن برونك، الباحث في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز بحثي دفاعي بريطاني، “في نهاية المطاف، بدون تغيير النظام، من الصعب جدًا أن نرى كيف يمكن للضربات العسكرية أن تدمر طريق إيران إلى امتلاك سلاح نووي” ،
وأضاف برونك “سيكون الأمر في جوهره محاولة أساسية لإعادة فرض قدر من الردع العسكري، وإلحاق خسائر وإعادة أوقات الاختراق إلى ما كنا عليه قبل بضع سنوات”.
وزمن الاختراق الذي أشار إليه برونك، هو المدة التي يستغرقها إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، ويقدر هذا الزمن حاليًا بالنسبة لإيران بين أيام وأسابيع. لكن في الواقع، سيستغرق صنع قنبلة نووية وقتًا أطول إذا قررت طهران ذلك.
وفرض الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، روسيا والصين)، قيودًا صارمة على أنشطة طهران النووية، الأمر الذي تسبب في إطالة زمن الاختراق إلى عام على الأقل. لكن الاتفاق “انهار” بعد أن انسحبت واشنطن منه عام 2018 في فترة الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأمر الذي دفع طهران إلى التخلي عن الكثير من قيوده.
وبعد عودة ترامب للبيت الأبيض في ولاية ثانية، يريد الآن التفاوض على قيود نووية جديدة في المحادثات التي انطلقت نهاية الأسبوع الماضي بين الوفدين الأمريكي والإيراني التي استضافتها العاصمة العُمانية مسقط. مهددًا طهران قبل نحو أسبوعين: “إذا لم يبرموا اتفاقًا، فسيكون هناك قصف”.
ومن جانبها، وجهت إسرائيل تهديدات مماثلة. إذ قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بعد توليه منصبه في نوفمبر الماضي، إن “إيران أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأكثر أهمية وهو القضاء على التهديد الوجودي لإسرائيل”.
عملية محفوفة بالمخاطر
وفق التقرير الذي نشرته وكالة “رويترز”، أمس الثلاثاء، فإن البرنامج النووي الإيراني ينتشر في العديد من المواقع، ومن المرجح أن يصيب أي هجوم معظمها أو جميعها. حتى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة الأمم المتحدة الرقابية للطاقة النووية، لا تعرف أين تحتفظ إيران ببعض المعدات الحيوية، مثل قطع غيار أجهزة الطرد المركزي، وهي آلات تخصيب اليورانيوم.
“يمكن أن تدمر إسرائيل معظم هذه المواقع بمفردها، لكنها ستكون عملية محفوفة بالمخاطر تشكل هجمات متكررة، وسيتعين عليها التعامل مع أنظمة مضادة للطائرات مقدمة من روسيا”، وفق ما قاله خبراء عسكريون.
يعتبر تخصيب اليورانيوم جوهر البرنامج النووي الإيراني، وأكبر موقعين للتخصيب هما محطة تخصيب الوقود في “نطنز” التي تقع على عمق حوالي 3 طوابق تحت الأرض، لحمايتها على ما يبدو من القصف، والثانية محطة “فوردو” المحفورة في عمق أحد الجبال.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها قدرات أعلى بكثير تمكنها من القضاء على تلك الأهداف الصعبة باستخدام أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لديها، وهى قنبلة ضخمة تزن 30,000 رطل (14,000 كيلوجرام)، والتي لا تستطيع إطلاقها حاليًا سوى قاذفات “بي-2” مثل تلك التي نقلتها واشنطن مؤخرًا إلى قاعدة “دييجو جارسيا” في المحيط الهندي، والتي لا تمتلكها إسرائيل.
“إسرائيل ليس لديها ما يكفي من القنابل زنة 5000 رطل للقضاء على منشأتي نطنز وفوردو”، هذا ما قاله الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي تشارلز والد، الذي يعمل الآن في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، المعهد الذي يدعم تعزيز العلاقات الدفاعية الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب.
ماذا يحدث في اليوم التالي للهجوم؟
قال إريك بروير من “مبادرة التهديد النووي”، والمحلل الاستخباراتي الأمريكي السابق،”ربما تتسبب ضربة أمريكية في أضرار أكبر من الضربة الإسرائيلية، ولكن في كلتا الحالتين يتعلق الأمر بكسب الوقت، وهناك خطر حقيقي من الأمر يدفع إيران نحو القنبلة النووية بدلًا من الابتعاد عنها”.
وأضاف بروير، “يمكن للضربة أن تعطل البرنامج وتؤخره، لكنها لا تستطيع تدميره”، مشيرًا إلى أنه “يمكن تدمير المواقع النووية لإيران، إلا أن خبرة طهران المتقدمة الآن في تخصيب اليورانيوم لا يمكن تدميرها”.
وردت كيلسي دافنبورت من “جمعية الحد من الأسلحة”، على سؤال “ماذا يحدث في اليوم التالي؟”، قائلة إن “إيران سترد على الهجمات التي يشنها أي طرف على برنامجها النووي من خلال تحصين منشآتها وتوسيع برنامجها”.
ويرى العديد من المحللين، أنه بعد أن ألغت طهران بالفعل الرقابة الإضافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي فرضها اتفاق عام 2015، من الممكن أن تقوم إيران، إذا تعرضت منشأتها النووية للهجوم، بطرد مفتشي الوكالة الذين يعملون كعيون للعالم في مواقع مثل نطنز وفوردو.
ومن جانبه، قال علي شمخاني، المسؤول الأمني الإيراني البارز والمستشار الحالي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في منشور على منصة “إكس” الأسبوع الماضي، إن “استمرار التهديدات الخارجية ووضع إيران في حالة ترقب هجوم عسكري قد يؤدي إلى إجراءات رادعة، بما في ذلك طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف التعاون”.
تواصل التهديدات الخارجية ووضع إيران في حالة #هجوم_عسكري قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات رادعة مثل #طرد_مفتشي #الوكالة_الدولية_للطاقة_الذرية ووقف التعاون معها. وقد يكون نقل المواد المخصبة إلى مواقع آمنة وغير معلنة في إيران على جدول الأعمال أيضاً.
— علی شمخانی (@alishamkhani_ir) April 10, 2025
كما علق جيمس أكتون من “مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي”، قائلًا: “إذا قصفتم إيران فمن شبه المؤكد، في اعتقادي، أن إيران ستطرد المفتشين الدوليين وتندفع نحو إنتاج قنبلة”.